يقول ابن خلدون: ". . . وفي طوع كل فكر منها - أي المعاني - ما يشاء
ويرضى، فلا يحتاج إلى صناعة. وتأليف الكلام للعبارة عنها هو المحتاج إلى
الصناعة. وكذلك جودة اللغة وبلاغتها في الاستعمال تختلف باختلاف طبقات الكلام في تأليفه. . باعتبار تطبيقه على المقاصد، والمعاني واحدة في نفسها.
وإنما الجاهل بتأليف الكلام وأساليبه على مقتضى ملكة اللسان - إذا حاول
العبارة عن مقصوده ولم يحسن - بمثابة القعد الذي يروم النهوض ولا يستطيعه
لفقدان القدرة عليه ".
وعند أصحاب هذا الرأي: أن الأدب عبارة جميلة وكفى. .
وقد سئل الأصمعى: مَن أشعر الناس؟ . . .
قال: " مَن يأتى إلى المعنى الخسيس
فيجعله بلفظه كبيراً، أو إلى المعنى الكبير فيجعله بلفظه خسيساً ".
ويقول المرزوقي: " فمن البلغاء مَن يقول: فقر الألفاظ وغررها. كجوهر
العقود ودررها، فإذا رسم أغفالها بتحسين نظومها. وحلى أعطالها بتركيب
شذورها فراق مسموعها وجاء ما حرر منها مصفىً من كدر العيِّ والخطل،
مقوماً من أود اللحن والخطأ، يموج في حواشيه رونق الصفاء لفظاً وتركيباً.
قبله الفهم والتذ به السمع، وإذا ورد على ضد هذه الصفة صدئ الفهم منه.
وتأذى به تأذى الحواس بما يخالفها ".
وقد بحث ابن سنان الخفاجى معايير حسن اللفظ فذكر منه تباعد الحروف فى
المخرج، وذلك لأن الحروف أصوات تجرى من السمع مجرى الألوان من البصر، والألوان المتباعدة إذا جُمِعت كانت في النظر أحسن من المتقاربة. وجل كلام العرب مبنى على التأليف من الحروف المتباعدة، ولحروف الحلق الستة ميزة خاصة فى القبح إذا تقاربت مثل " الهقخع "، ومن معايير حسن اللفظ حسن وقعه على السمع فتسمية الغصن غصناً أو فنناً أحسن من تسميته عسلوجاً.