الكناية لا التصريح. وأن عِلَّة الإطلاق ملحوظة فيه بحسب الوضع العام فى
اللغة.
ثانياً: أن هذه الكلمة لم تُستخدم في القرآن إلا في سياق الإحصان أو الحفظ
بحسب ما كان كما في الحديث عن مريم ابنة عمران.
أو بحسب ما هو كائن كقوله تعالى: (وَالذينَ هُمْ لفُرُوجهمْ حَافِظونَ) .
أو بحسب ما ينبغى أن يكون كقوله تعالَى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) ، (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) .
ثالثاً: أن ورود هذه الكلمة في القرآن إما في موضع مدح أو تشريع،
المدح
فيما كان أو فيما هو كائن. والتشريع فيما ينبغى أن يكون، فلذكرها
- إذن - داع قوى لأنها في مقام المدح - حيث قرنت بالإحصان أو الحفظ - هى دليل العفة التي من أجلها كان المدح.
ولأنها في مقام التشريع: الوضع الذي يجب أن يُصان: يُحفظ فصرَّح بها
اعتناءً بأمرها وحتى لا يحتمل المقام سواها.
أما قوله تعالى: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) : فإن " الغائط "
هو المكان الذي تُقضى فيه الحاجات، فالتعبير كنائي - كما ترى - والمقام مقام تشريع؟ مع هذا فقد عدل القرآن عن الاسم الصريح إلى ما هو وارد مورده حفظاً للفظه من الابتدْال. ولو فعل لكانت الضرورة التشريعية خير مبرر.
ثم انظر إلى قوله تعالى في شأن آدم وحواء حين أضلهما الشيطان فأكلا من
الشجرة التي حرمها الله عليهما: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) .