الغزيرة والحكم الكثيرة، والتناسب في البلاغة والتشابه في البراعة، على هذا
الطول. وعلى هذا القدر. وإنما تُنسب إلى حكيمهم كلمات معدودة،
وألفاظ قليلة، وإلى شاعرهم قصائد محصورة يقع فيها ما يغنيه بعد من
الاختلال ".
ثالثاً - بديع تأليفه، وفي ذلك يقول: " إنه عجيب نظمه، وبديع تأليفه،
لا يتفاوت ولا يتباين على ما يتصرف إليه من الوجوه التي يتصرف فيها من ذكر قصص، ومواعظ، واحتجاج. وحكم وأحكام، وإعذار وإنذار، ووعد ووعيد.
وتبشير وتخويف، وأوصاف وتعليم، وأخلاق كريمة، وشيمة رفيعة. . . .
ونجد كلام الناس البلغاء الكاملين، والشاعر المفلق، والخطيب المصقع يختلف
حسب اختلاف هذه الأمور ".
رابعا - حسن الربط، وفي ذلك يقول: " إن كلام الفصحاء يتفاوت تفاوتاً
بينا في الفصل والوصل، والعلو والنزول، والتقريب والتبعيد، وغير ذلك مما
ينقسم إليه الخطاب عند النظام، ويتصرف فيه القول عند الضم والجمع. على أن القرآن على اختلاف ما يتصرف إليه من الوجوه الكثيرة، والطرق المختلفة يجعل المختلف كالمؤتلف، والتباين كالتناسب، والتنافر في الأفراد إلى حد الآحاد.
وهذا أمر عجيب، تتبين به الفصاحة وتظهر به البلاغة. ويخرج به الكلام عن
حد العادة ويتجاوز العُرف ".
(ملاحظة: يمكن دمج هذه الخاصة مع السابقة عليها دون أن يمس ذلك جوهر الموضوع لأن الموضعين متشابهان إلى حد كبير كما ترى) .
خامساً - بلاغته، وفي ذلك يقول: " إن نظم القرآن وقع موقعاً من البلاغة، خرج به عن حد العادة في كلام الإنس والجن، فهم يعجزون عن الإتيان بمثله كعجزناً.