هذه السورة الواحدة ما استطاعوها. لأن إحساسهم منصرف إلى أصل الكمال اللغوي في القرآن، مستغرق فيه. فلا يرون المعارضة تكون إلا على هذا الأصل وهو شيء لا تناله القُدرة.
٢ - التكرار: الذي يجيء في بعض آيات القرآن فتختلف في طرق الأداء
وأصل المعنى واحد في العبارات المختلفة.
وهو مذهب للعرب معروف ولكنهم
لا يذهبون إليه إلا في ضروب من خطابهم للتوكيد والتهويل.
بَيْدَ أن وروده فى القرآن مما حقق للعرب عجزهم بالفِطرة عن معارضته، وأنهم يخلون عنه لقوة غريبة فيه لم يكونوا يعرفونها إلا توهماً، ولضعف غريب في أنفسهم لم يعرفوه إلا بهذه القوة، لأنهم عجزوا عن السورة الواحدة. فكان عجزهم عن السورتين، وما عداهما أبين وأظهر.
٣ - وجه تركيبه: فإنه مباين بنفسه لكل ما عُرِف من أساليب البلغاء فى
ترتيب خطابهم وتنزيل كلامهم، على أنه يؤاتى بعضه بعضاً، وتناسب كل آية منه كل آية أخرى في النظم والبلاغة. على اختلاف المعاني وتباين الأغراض. . .
إذ يبدو كأنه قطعة واحدة، والبلغاء تختلف أساليبهم في أنفسها من القوة إلى
الضعف لأسباب. وعِلل لا يصعب الكشف عنها في نفس القائل.
٤ - لأنه ليس وضعاً إنسانياً ألبتة، ولو كان من وضع إنسان لجاء على
طريقة تشبه أسلوباً من أساليب العرب، أو مَن جاء بعدهم إلى هذا العهد، ولا من الاختلاف فيه بين في طريقته ونسقه ومعانيه.
وقد كان هذا سبباً من أسباب ضعف المعارضة فيهم.
لأنهم لم يبلغوا شأواً يؤهلهم للإتيان بمثل القرآن.
٥ - سلامة أسلوبه من القلق والاضطراب، فليس فيه من الغرابة التى
يكسوها البلغاء كلامهم في تجويد وصفه وحبكه. إنما فيه غرابة الانسجام،