١١ - أن القرآن انفرد بصوت الحس الذي خلت من صريحه لغتهم وهو الذى يتكون من دقة التصوير المعنوي، والإبداع في تلوين الخطاب، بمجاذبة النفس مرة ومداهنتها منها مرة أخرى، والتنقل بها من شأن إلى شأن حتى تتصل بالمعنى وتصبح كأنها هي التي تطلبه فتقع في أسره.
هذا الصوت خَلتْ منه لغتهم وانفرد به القرآن. لأنه من الكمال اللغوى الذى تعاطوه ولم يعطوه.
١٢ - أن بلاغة القرآن لا تعتمد على الخيال الشعرى، أو العادة الثابتة،
أو العاطفة المطمئنة، وإنما يرجع الأسر فيها إلى جرس الحروف في الكلمات
ومواقع الحروف والكلمات وطريقة نظمها.
١٣ - أنه يتلطف في تحريك الشاعر والرفق بها فلا تضيق به النفس،
ولا تتخونها منه ملالة.
١٤ - أن القرآن بمادته اللغوية أصبح فوق اللغة التي يحذقها اللسن من
الناس لأنها في القرآن في تركيب ممتنع أن يأتي بمثله الناس. فخرجت من لغة
الاستعمال إلى لغة الفهم. وكونت طبقة عقلية من اللغة ومن ثَم تتنزل الأفكار منزلة التوهم الطبيعى الذي يؤثر بالصفة ما يؤثر بالشيء الموصوف. بل بما وفَّى وزاد.
١٥ - أن الحركات النحوية والصرفية في القرآن لها من حكم البلاغة
والفصاحة ما للكلمات والتركيب، لشدة ما بينها من تلازم واتساق.