للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهؤلاء لم يأتوا بجديد إنما وقفوا من الآراء السابقة موقف الأرجحية

والترجيح. وها نحن نسجل هنا مواقفهم حسب موافقتهم على رأى منها

ورفضهم ضمناً للآخر.

أولاً - النظم والتأليف:

أيَّد هذا الاتجاه القائل بأن الإعجاز كائن في النظم والتأليف كثير من العلماء

قديماً وحديثاً. منهم الأصبهاني والرملكاني والقاضي عِياض.

فقد تحدث الأصبهانى عن مراتب تأليف الكلام ثم قال: " فظهر من هذا أن

الإعجاز المختص بالقرآن متعلق بالنظم المخصوص، وبيان كون النظم معجزاً

يتوقف على بيان نظم الكلام ثم بيان أن نظم هذا الكلام مخالف لنظم ما

عداه ".

ويُفَرق الأصبهانى بين النظم المخصوص الذي هو صورة القرآن، واللفظ

والمعنى الذي هو أثره وعنصره. وباختلاف الصورة يختلف حكم الشيء لا بعنصره كالخاتم والقرط والسوار.

فإنه باختلاف صورها اختلفت أسماؤها لا بعنصرها

الذي هو المذهب أو الفضة.

والقرآن عنده جامع لمحاسن جميع فنون الكلام، على نظم ليس مثل نظومهم

كما نقل السيوطي عن الزملكانى قوله: " وجه الإعجاز راجع إلى التأليف،

بأن اعتدلت مفرداته تركيباً وزنة ".

أما القاضي عياض فإن نظم القرآن يمثل عنده الجانب الأهم في الإعجاز، من

حيث حُسن التأليف، والتئام الكلام وبلاغته الخارقة عادة العرب.

كما يرى أن للإخبار عن الغيوب حيث جاءت مطابقة لما أخبر به القرآن

وما أشار إليه من أخبار الماضين مما يعثر طليه على البَشر، ولتأثير القرآن على

السامعين والقارئين يرى لكل هذه العوامل أثراً إضافياً في الإعجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>