رابعاً: أن هذه السور السبع - المجموعة الشرطية أو القسم الشرطي -
موضوعاتها أمور مستقبَلة في الغالب. استقبالاً حقيقياً كما سيحدث من
مقدمات القيامة وأهوال الحشر، أو استقبالاً باعتبار الحكاية كمجيء نصر الله
فى مطلع سورة " النصر ". إلا ما دعا إليه المقام من الأغراض الأخرى كتقرير
أمر واقع، أو لمحة من أخبار تكمل بها الصورة ويتضح بها المقام.
خامساً: أن الحديث فيها إذا كان عن مشهد من مشاهد القيامة.
أو عن أمر يتكرر من مظاهر الطبيعة وسُنة الله في الكون، أو عن مصير عام محتوم، أو ما قارب هذه الأمور فالأداة المفضلة هي " إذا " المؤذنة بتحقيق شرطها وجوابها. وإن لم يكن الحديث عن هذه الأمور بل غيرها: فالأداة غيرها " إن " أو " لو " وما شابه ذلك.
والقيمة البيانية لهذا المطلع الشرطي التي من أجلها - والله أعلم - آثر
القرآن افتتاح هذه السور بها. هي أن الأسلوب الشرطي يمتاز بربطه بين أجزاء الكلام ربطاً ملاحَظاً فيه ترتب السبب على السبب. .
فإذا ذكِرت أداة الشرط وأردفت بفعل الشرط تشوقت النفس إلى ذكر ما سيكون. .
فإذا ذكِر الجواب بعد هذه الإثارة وهذا التشويق تمكن أيما تمكن.
والذي يزيد من هذه القيمة البيانية لأسلوب الشرط في القرآن الكريم أمران:
الأول: أن القرآن في غالب الفواتح من هذا النوع لا يكتفى بفعل شرط واحد - كما هو الحال في غيره - بل يقرن به أشباهاً ونظائر يطول تأمل السامع فيها وتضاعف من تشوقه إلى الجواب كلما انتقل من جزء إلى جزء. فيأتيه الجواب بعد تلهف وطول ترقب.
الثاني: أن أجزاء الأسلوب الشرطي في القرآن ليست من جنس ما يستعمله
الناس من أمور عادية قد لا يهتم بها إنسان. أو ليس للوقوف عنده على
مدلولاتها كبير معنى -