الاتجاه الثالث: وترجع فيه اللغة إلى غريزة خاصة زُودَ الإنسان بها منذ القِدَم.
وهذه الغريزة كانت تحمل كل فرد من بنى الإنسان على التعبير عن كل مدرَك حسي أو معنوي بكلمة خاصة، وكانت عند جميع الأفراد متحدة فى
طبيعتها ووظائفها وما يصدر عنها، لذلك اتحدت المفردات أو تشابهت في طرق التعبير. ولكن تطاول العصور أثر على تلك الغريزة فتلاشت! ؟
ومن القائلين بهذا الاتجاه العلامة " ماكس مولر " المالاني.
وقد بنى هؤلاء رأيهم على أدلة مستمدة من دراسة أصول الكلمات في اللغات الهندية الأوروبية. فقد تبين لهم أن مفردات تلك اللغات ترجع إلى خمسمائة أصل مشترك.
وأن هذه الأصول تمثل اللغة الأم التي تشعبت عنها اللغة.
فهى لذلك تمثل اللغة الإنسانية في أقدم عصورها!! ؟
وعلى طرافة هذا الاتجاه، ودعمه بالدراسات الحية، فإنه فاسد من وجوه:
١ - أنه لا يحل المشكلة حتى يضع مكانها مشكلة أخرى هي افتراض
الغريزة الكلامية.
٢ - وأن ما يقرره من قبيل تفسير الشيء بنفسه.
٣ - أنه لا يعالج جوهر المشكلة، لأن الهم هو معرفة أول مظهر لاستغلال
هذه القدرة والانتفاع بها في تكوين الكلام الإنسانى، والأسلوب الذي احتذاه الإنسان في وضع أصوات معينة لمسميات خاصة. والكشف عن العوامل التي وجهته إلى هذا الأسلوب.
٤ - وأكبر خطأ وقع فيه هذا الاتجاه أن الأصول المذكورة التي اعتمدوا عليها
فى الاستنتاج تدل على معان كلية - كما قالوا - والمعاني الكلية تحتاج إلى
درجة عقلية راقية لم يجرؤ باحث منصف على إثباتها للإنسان في عصور بداوته. .
فكيف يصح جعل هذه اللغة " الهندية - الأوربية " اللغة الأم للغات الإنسانية؟