والنكاح في عُرف الفقهاء فيه مذهبان: حقيقة في الوطء. مجاز في العقد
أو العكس، وجاء في مفردات الراغب: " أصل النكاح للعقد، ثم استُعير
للجماع.
ومحال أن يكون في الأصل للجماع ثم استُعِير للعقد. لأن أسمَاء
الجمَاع كلها كنايات لاستقباحهم ذكِره كاستقَباح تعاطيه.
ومحال أن يستعير مَن لاَ يقصد فحشاً اسم ما يستفظعونه لما يستحسنونه ".
فالراغب يمنع أن يُراد بالنكاح غير العقد حقيقة.
والاستعمال القرآني لا يمنع من إرادة هذا المعنى.
فالنكاح فيه صالح لحمله على كلا المعنيين: العقد والوطء.
وقد يقوى حمله فيه على الوطء مثل قوله تعالى: (. . . فَإن طلقَهَا
فًلا تَحلُ لهُ من بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) ، إذ يرى الفقهاء أن
الزوج الثانى لا يحللها للأول بمجرد العقد عليها. بل لا بدَّ من الخلوة بها.
ويقوى من هذا المعنى قوله - صلى الله عليه وسلم - لامرأة تسأل هل تحل لزوجها الأول بدخول الثاني دون الوطء: " لا. . حتى تذوقي عُسَيْلته ويذوق عُسَيْلتك ".
ومن أبدع تعبيرات القرآن عن هذا المعنى قوله تعالى: (وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا) ، فإن السر مجاز عن الوطء. والوطء مجاز عنَ العقد ولذا فهم
يسمونه مجاز المجاز.
والعلاقة في الأول الملازمة. لأن الوطء لا يحدث إلا سراً، وفي الثاني
السببية لأن الوطء مسبب عن العقد. كما يُطلق عليه المباشرة قال: (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ) .
ذلك في جانب الحلال. أما في جانب الحرام فقد شاع استعمال كلمة
" الزنا "
وهى كلمة لا ابتذال فيها وتقابل كلمة " النكاح " في جانب الحلال.
قال: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (٣٢) .
وقد تستعمل