وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨) .
فيقع في الظن أن كلمة " امرأة " لا تُستعمل إلا في المواضع التي يعترى
الزوجية فيها خلاف أو سبب مما ذكرناه.
أما " زوج " فتستعمل في الموضعين جميعاً.
والذي أراه أن هذا الاحتمال مدفوع لإمكان توجيه النصوص المخالفة على
وجوه تطرد بها القاعدة.
ففى نصح الرسول عليه السلام لزيد حين دَبَّ الخلاف بينه ويين زينب كَرِهَ
الرسول ذلك الخلاف واعتبره كأن لم يكن ونصحه بالتمسك بها.
وما دمنا قد عرفنا طريقة القرآن في استعمال كلمة " امرأة " فإنه لا يسوغ فيه أن يقال: " أمسك عليك امرأتك "
لما بين هاتين الكلمتين: " أمسك " و " امرأة " من جفاء.
وأما قوله تعالى: (وَيَذَرُون أزْواجاً) فذلك في مقام " الجمع " وحديثنا
فى مقام الإفراد وإنما أوثر جمع " زوج " على جمع " امرأة " لأن الثانية
" امرأة " لم يستعمل لها جمع لثقله.
وبهذا تطرد القاعدةِ، وتأكيداً لهذه الاعتبارات نسوق قوله تعالى:
(وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (٨٩) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (٩٠) .
والشاهد أن امرأة زكريا حين أصبحت صالحة للإنجاب آثر القرآن أن يطلق
عليها " زوجه " دون " امرأته " وكانت " امرأة " إذ كانت " عاقراً ".
* *