للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٩) .

والظاهر من النظر في الآيتين تكرار " إن " فيهما.

وهذا الظاهر يقتضي الاكتفاء بـ " إنٌ " الأولى. ولم يطلب إلا خبرها.

وهو في الموضعين - أعنى الخبر - " لغفور رحيم "

لكن هذا الظاهر خولف وأعيدت " إن " مرة أخرى.

ولهذه المخالفة سبب.

وهذا السبب هو طول الفصل بين " إن " الأولى وخبرها. وهذا أمر يُشعِر

بتنافيه مع الغرض المسوقة من أجله " إن " وهو التوكيد.

لهذا اقتضت البلاغة إعادتها لتلحظ النسبة بين الركنين على ما حقها أن تكون عليه من التوكيد.

على أن هناك وظيفة أخرى هي: لو أن قارئاً تلا هاتين الآيتين دون أن يكرر

فيهما " إن " ثم تلاهما بتكرارها مرة أخرى لظهر له الفرق بين الحالتين: قلب

وضعف في الأولى، وتناسق وقوة في الثانية.

ومن أجل هذا الطول كررت في قول الشاعر:

وَإن امرأ طالتْ مَوَاثِيقُ عَهْدِهِ. . . عَلى مِثْلِ هَذا إنهُ لكَرِيمُ

يقول ابن الأثير رائياً هذا الرأي: ". . . فإذا وردت " إنْ " وكان بين اسمها

وخبرها فسحة طويلة من الكلام. فإعادة " إن " أحسن في حكم البلاغة

والفصاحة كالذي تقدم من الآيات ".

* *

<<  <  ج: ص:  >  >>