أما " الإسراء " فلم يأت فيها تمهيد مثل " البقرة ". وكذلك " الكهف ".
و" طه " تقدم القصة فيها تمهيد هو في الواقع إجمال بديع للقصة كلها.
ومدخل لسرد أحداثها بالغ الجودة: (وَلقَدْ عَهدنا إلى آدَمَ من قَبْلُ فَنَسِىَ
وَلمْ نَجدْ لهُ عَزْمًا) كان هذا هو مدخل القَصة في " طه ". كما سردت
بعده أحدَاثها سرداً محكماً.
وكذلك خلت سورة " ص " من التمهيد المباشر للقصة.
وبذلك تكون القصة قد مُهِّدَ لها في ثلاثة مواضع هي: الأعراف - الحِجْر - طه.
ولم يُمهد لها تمهيداً مباشراً في أربعة مواضع هي: البقرة - الإسراء -
الكهف - سورة " ص ".
وكذلك نجد فروقاً في الأمر بالسجود. فتارة يكون بصريح الأمر من الفعل
" سجد " نفسه وذلك في خمسة مواضع هي: البقرة - الأعراف - الإسراء - طه - الكهف.
أما في الحِجْر وسورة " ص " فلم يأت بالأمر الصريح من الفعل. بل تقدم
عليه " أمر " من فعل آخر " وقع " وجعل السجود حالاً. من فاعل ذلك
الفعل الذين هم الملائكة. ومن دقة النظم أن هذه العبارة جاءت في السورتين فى سياق حديث واحد: (فَإذَا سَويْتُهُ وَنَفَخْتُ فيه من رُوحي فَقَعُواْ لهُ
سَاجِدِينَ)
ولعل السر في هذا التصرف - (فَقَعُواْ لهُ سَاجدينَ) بدلاً من: (اسْجُدُواْ
لآدَمَ) - أن التفصيل في هاتين السورتين في هذاَ الموضوع بالذات حيث قال:
(فَإذا سَويْتُهُ وَنَفَخْتُ فيه من رُوحي) بعد قوله في الحِجْر: (إنًى خَالق
بَشَراً مًن صَلصَالِ مًنْ حًمَإٍ مَسْنُونٍ) وبعد قوله في سورة " ص ": (إنًى
خَالِق بَشَرًا مًن طِيَنٍ) أن هذا التفصيل فيه شرح أكثر لبيان قُدرة الله سبحانه