للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطين سابق على الصلصال والحمأ المسنون.

قال الراغب: الصلصال تردد الصوت مِن الشيء الجاف ومنه قيل: صل المسمار، وسمي الطين الجاف صلصالاً

قال: (مِن صَلصَالٍ كَالفَخَّارِ) ، (مِن صَلصَالٍ مَنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) .

فأوثر الصلصال في " الحِجْر " لتقدمه في قوله تعالى: (إنِّي خَالِق بَشَراً

مِن صَلصَالٍ مًنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) ولعل إيثار هذا أيضاً على أن يقول:

" من طين " لأن مبدأ خلق الإنسان هنا قوبل بمبداأ خلق الجانِّ، ولما قال فِى

خلق الجان: (مِن نارِ السَّمُوم) ناسب أن يكون القابل له: (صَلصَالٍ مِنْ

حَمَإٍ مَسْنُونٍ) لأن الطين إذا قوبل بالنار جف ويبس وسُمِعَ له صوتَ إذا

حُرك.

ومما يؤيد هذا قوله في الرحمن: (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (١٥) .

فآثر الصلصال في مقابلة المارج الذى من نار.

أما إيثار الطين في الأعراف والإسراء وسورة " ص " فحيث لم يقتض المقام

سواه ولأنه أسبق وجوداً من الصلصال.

هذا مثل أذكره للقياس ولبيان أن كل اختلاف في الصياغة إنما هو لسبب

وداع. وليس لمجرد التعبير الخالى من الدقائق والأسرار.

ومن المعاني التي اشتركت فيها مجموعة دون أخرى: أمر الله آدم وحواء أن

يسكنا الجنة بعد طرد إبليس منها.

وهذه مرحلة تالية في بناء القصة للمرحلة السابقة من مخالفة إبليس وعناده

وما ترتب عليها.

فلننظر في مصادرها وصياغاتها:

<<  <  ج: ص:  >  >>