للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجه الثاني - أنفَسكم بفتح الفاء والمعنى عليه: " لقد جاءكم رسول من

أذكاكم وأطهركم قلباً ونفساً ". . وكلا المعنيين لائق به عليه السلام.

ثالثاً: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (١٨) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (١٩) .

الآيتان تتحدثان عن أهل سبأ. وعن النعمة التي وهبهم إياها الله.

حيث أدنى منهم مواطن النفع، وحقق لهم الأمن في سيرهم وجعل القرى التي تقع على طريق سفرهم متقارية بحيث يقيلون في قرية، ويبيتون في أخرى حتى

يصلوا القرية التي بارك الله فيها.

وهذا معنى قوله: (وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ) والشاهد في الآية الثانية فى

قوله تعالى: (رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) بنصب " رَبَّنَا " على أنه منادى

مضاف. وبناء " باعد " عَلى السكون أمراً من المباعدة وهي قراءة حفص.

وقد أخرج الزمخشري وغيره من المفسرين المعنى على هذا الوجه فقال:

" بطروا النعمة، وبشموا من طيب العيش، ومَلوا العافية. فطلبوا الكد

والتعب كما طلب بنو إسرائيل البصل والثوم مكان المن والسلوى، وقالوا:

لو كان جنى جناننا أبعد كان أجود أن نشتهيه، وتمنوا أن يجعل الله بينهم

وبين الشام مفاوز ليركبوا الرواحل فيها، ويتزودوا الأزواد.

فعجل الله لهم الإجابة ".

وقد أورد الزمخشري في الآية قراءات أخرى نتعرض لواحدة منها لأنها هى

التي تدخل في موضوعنا لاختلاف المعنى معها.

وهي: (فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) . برفع " رَبنا " على الابتداء وفتح الدال والعين من " باعد "

<<  <  ج: ص:  >  >>