وقد ذهب الزمخشري مذهباً قريباً من مذهب الزركشي.
وننقل فيما يأتي توجيهه للآية الحكيمة.
قال: " أن يرتفع محل الكاف على أنه خبر مبتدأ
محذوف تقديره: هذه الحال كحال إخراجك. يعنى أن حالهم في كراهة ما رأيتَ من تنفيل الغزاة مثل حالهم في كراهة خروجك للحرب.
وأن ينتصب على أنه صفة لمصدر الفعل المقدر في قوله: (الأنفَالُ لله
والرَسُول) أي الأنفال استقرت لله والرسول وثبتت مع كراهتهم ثباتاً مثلَ
ثبات إخرَاج ربك إياك من بيتك وهم كارهون ".
وعلى ما ذكره صاحبا " البرهان " و " الكشاف " فالمناسبة واضحة.
إذ الكلام لم يخرج عن طريقة التشبيه، ولا يقال إن الجمع في الصورة التشبيهية بين المشبه والمشبه به، مع وضوح وجه الشبه،
اقتضاب أو جمع بلا تلاؤم.
ثانياً - المضادة:
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى في سورة البقرة: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦) .
فإن أول السورة كان حديثاً عن القرآن الكريم وأن من شأنه كيت وكيت.
وأنه لا يهدى الذين من صفاتهم كيت وكيت.
فرجع إلى الحديث عن المؤمنينِ، فلما أكمله عقب بما هو حديث عن الكفار. ففيهما جامع وهمي بالتضاد من هذا الوجه وحكمته التشويق والثبوت على الأول كما قيل: " وبضدها تتبين الأشياء ".
فإن قيل: هذا جامع بعيد، لأن كونه حديثاً عن المؤمنين بالعرض لا بالذات،
والمقصود بالذات الذي هو مساق الكلام؛ إنما هو الحديث عن الكتاب لأنه مفتتح القول.
قلنا: لا يُشترط في الجامع ذلك. بل يكفى التعلق على أي وجه كان،
ويكفى في وجه الربط ما ذكرنا، لأن القصد تأكيد أمر القرآن والعمل به،