فالمشركون كانوا يُعبرون النبي محمداً عليه السلام بأنه أبتر لا عَقَبَ له.
فبيَّن الله أنه أعطى محمداً عليه السلام الخير الكثير. ثم أمره أن يصلي لله
وينحر من أجله شكراً له على هذه النعم. . جاء في كتب التفسير:
" أعطيتَ ما لا غاية لكثرته من خير الدارين الذي لم يُعطه أحد غيرك.
ومعطى ذلك كله: أنا إله العالين. فاجتمعت لك الغبطتان السنيتان.
إصابة أشرف عطاء وأوفره من أكرم معط وأعظم منعم.
فاعبد ربك الذي أعزَّكَ بعطائه.
وشرفك وصانك من سوء الخُلق. مراغماً لقومك الذين يعبدون غير الله. وانحر لوجهه وباسمه إذا نحرتَ مخالفاً لهم في النحر للأوثان ".
وبهذا تبدو قوة المناسبة بين: (إنا أعْطيْنَاكَ الكَوْثَرَ) و: (فَصَل لِرَبكَ
وَانْحَرْ) ، أما مناسبة الخاتمة: (إن شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ) لما تقدمها من
الآيتين المذكورتين فواضحة. وذلك من وجهين:.
أولهما: تكملة السرور للنبى عليه السلام ودفع أقاويل الشرك عنه.
فبعد أن بيَّنَ له أنه أعطاه الخير الكثير، وأمره بفعل الطاعات شكراً له. أعلمه أن الأبتر هو مبغضك وراميك بالبتر.
لأن مَنْ شأنه مثل شأنك ليس بأبتر. فجاءت
الآية تذييلاً تعليلياً لما قرر وثبت.
وثانيهما: رد على مَنْ رمى النبي عليه السلام بالبتر، والسورة مسوقة
لتنفى عن النبي عليه السلام هذه الصفة.
ذلك هو نظام عقد المعاني في نفس هذه السورة. وحدات متآلفة ملتئمة
لا ينكر قوة ربطها لا جاهل أو معاند.
فما هما - إذن - جارتاها في المصحف، وفي النزول. وما الرابط بينهما؟