ثالثاً: إن القرآن افتتح هذا الفصل بإنكار إبراهيم عليه السلام على أبيه
وقومه أن يتخذوا أصناماً آلهة. ووصفهم بالضلال المبين.
رابعاً: إن إبراهيم عليه السلام فرغ من تجاربه هذه إلى إثبات العقيدة
الصحيحة في زمن لا يزيد عن يوم وليلة.
* إيضاح ذلك:
إنه رأى - والله أعلم - الكوكب في أول الليل فقال: هذا ربى. .
فلما أفل فى جزء من الليل نفسه بزغ القمر. فأقلع عن فكرة الكوكب
وأقبل على فكرة القمر. فلما أشرقت الشمس في الصباح وسطع ضوؤها فلم يعد معه وجود للقمر أقلع عن فكرة القمر.
وأقبل على فكرة الشمس. .
وذلك كله في ليل سابق ويوم لاحق. وأى تفسير غير هذا يلزم منه امتداد
زمن التجارب الثلاث فنحتاج إلى تخريجات لسنا في حاجة إليها مع إمكان هذا
الإيضاح الذي أوردناه.
وإذا تقرر ذلك فهل كان انتقال إبراهيم عليه السلام من مرحلة عدم الاهتداء
إلى الإله الحقيقي، إلى مرحلة الاهتداء إليه انتقالاً طبيعياً في هذه المدة
الوجيزة؟
قد يُجاب على هذا بأن صفاء الفطرة يمكن معه مثل هذا الانتقال السريع.
ونحن نقول بدورنا: إن صفاء الفطرة هذا كفيل بصيانة إبراهيم عليه السلام من مثل هذا التخبط، والقرآن نفسه يقول:(وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١) .