هناك مجرد وقوف على حرف.
وهنا وقوف على طرف حفرة تضطرم بالنار.
الصورة الثانيه أكثر رهبة من الأولى، وأسوأ مصيراً - لأن المخالفة المستوجبة
للعقاب في الأولى أهون شأناً منها في الثانية.
وتأتى الصوره الثالثة. . وقد علمنا موقف بطلها السادر في الضلال،
العرض عن الهدى المتصف بالكفر والنفاق.
لأن الجزاء من جنس العمل.
فهو أشد خطراً من سابقيه، وأفظع ذنباً.
فجاء التعبير القرآني أشد ما يكون اتساقاً مع ما ثبت له من صفات الكفر والنفاق: (عَلى شَفَا جُرُف هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ) .
فـ " الشفا " - هنا - غير الشفا وغير الحرف هناك: الشفا شفا جرف.
والجرف ما يجرفه السيل. إذن فهو شفا رخو هش تغوص فيه الأقدام، بل
الركب والأجسام. . . هذه واحدة.
وهو (هَارٍ) . . هكذا بالنص. متفتت لا تبثت عليه خطىً، ولا يمكن عليه
سير، ضعف فوق ضعف فأنى يستقيم له بنيان؟ . . . وهذه ثانية.
(فَانْهَارَ بِهِ) انهار به فعلاً، وليس مشرفاً على الانهيار.
وهنا تكمل نهاية المأساة من حيث نتائجها الطبيعية.
تكمل بالتردى والسقوط الذي كان متوقعاً، لأن المقدمات صادقة، موصلة - لا محالة - إلى هذه النهاية. . .
وهذه ثالثة.
(فِى نَارِ جَهَنمَ) لم يكن السقوط على الأرض وفي قاع الحفرة فحسب.
لماذا؟ لأن قاع الحفرة أو سطح الأرض قد يكون - كذلك - رخواً هشاً.