منتظماً سليماً إلا بإدراك العلاقات بين مدلولات الألفاظ سواء أكان ذلك تفكيراً صامتاً - حديث النفس - أو كان ذا صوت مسموع.
أما التفكير بدون لغة فيمكن إذا استبدلنا باللغة رموزاً أخرى تحل محلها في الدلالة.
وإذا كان الأمر كذلك، فإن هذه الرموز تصير لغة بديلة. وتكن النتيجة أن اللغة ضرورية فى كل تفكير.
يقول الدكتور " بلارد ": هل نستطيع التفكير بدون لغة؟ نعم. . إذا
استطعنا أن نحل محل اللغة رموزاً أخرى. ولكن كلما زاد التفكير عمقاً من
المقارنة والاستنباط والوصول إلى الأحكام العامة. زادت حاجة العقل إلى
استخدام اللغة. وإذا أمكن التفكير بدون لغة فإن هذا التفكير لا يستمر طويلاً
وهو في هذه الحالة - أي التفكير - يحتاج إلى اللغة ليعتمد عليها في تحديده
ودقته. نعم إن اللغة غير ضرورلة لكل عمليات العقل. ولكنها لا بدَّ منها عند التفكير المعنوي المحض.
والذي أختاره في هذا المجال أن اللغة ضرورية لكل تفكير، لأن التفكير
عمل، ولكل عمل مادة ومجال، ومادة التفكير لا تتحقق إلا عن طريق وحدات تدل على أجزائها وهي - هنا - المفردات اللغوية.
وإذا تطورت الفكرة فلا بدَّ من تركيب وحداتها الدالة عليها - في جمل أو أسلوب - والعقل الفكر لا يصنع تفكيره من الوهم بل لا بدَّ من ضبط أجزاء الفكرة بضوابط يستطيع إخضاعها في عملية التفكير للتصور والقياس.
وإلا كان التفكير أوهاماً تتبدد سراعاً.
والإنسان يفكر - أحياناً - نتيجة لا يسمعه أو يقرأه.
والتفكير الاجتماعى يصحبه تعبير، والتعبير في أسمى مظاهره يتكون من جمل وأساليب، وإذن فلدينا دائرة متصلة الحلقات. تبدأ بتأثر المفرد بالمجتمع عن طريق اللغة - سمعاً أو قراءة أو رؤية - فيفكر نتيجة لهذا التأثر ثم يُعبِّر عن تفكيره وهكذا تصبح
اللغة سبباً ونتيجة معاً. سبباً في التفكير ونتيجة له.
* * *