لكن المفسرين فسَّروا هذه الآية على غير ما يراه ابن الأثير.
يقول الزمخشري فى معناها: " الذين يعطون ما أعطوا "
أي الذين يفعلون الخيرات وهم وجلون من ربهم أن لا يتقبل منهم.
ونقل حديثاً روته عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤيد ما ذكره. وكذلك رأى الإمام النسفي في تفسيره قال: " الذين يعطون ما أعطواً من الزكاة والصدقات وهم خائفون ألا يُقبل منهم لتقصيرهم ".
وعلى هذا فإن ما يراه ابن الأثير من تطابق الآية والبيت غير دقيق.
وأظهر من البيت المذكور في التمثيل له قول الشاعر:
سُنَّة العُشَّاقِ واحِدَةٌ. . . فَإذا أحْبَبْتَ فَاسْتَكِنِ
لأن المعنى: سُنَّة العشاق واحدة هي الاستكانة. فإذا أحببتَ فاستكن.
أما مثاله من القرآن فأولى أن يكون قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (٥٠) .
فقد قال المفسرون: " وجعلنا ابن مريم آية، ثم حُذفَت الأولى لدلالة الثانية
عليها"
والحذف من الأول لدلالة الثاني عليه كثير في كلامهم.
رابعاً: ما ليس بسبب ولا مسبب ولا إضمار - على شريطة التفسير
ولا استئناف.
أى إن الحذف هنا ليس له ضابط معيَّن. فهو يشمل كل حذف بعد الأنواع
الثلاثة المذكورة وهو - بحق - كثير جداً في القرآن.
وأكثر ما يكون فى القصص ولا حد لمقدار ما يُحذف فيه.