للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: " وإن جعلنا الضمير راجعاً إلى المشفوع فيه. فهو أحرى بالتأخير

ليكون الشافع قد أخبره بأن شفاعته قد قُبِلت. فتقديم العدل ليكون ذلك مؤسساً لحصول مقصود الشفاعة وهو ثمرتها للمشفوع فيه ".

وكلامه - هنا - يُفهم منه أن يجوز حصول الأمرين: قبول الشفاعة ودفع

العدل، وليس الأمر كذلك. . لأن المراد من الآية - والله أعلم - أن عدم قبول الشفاعة باعث على تحريك النفس على دفع العدل لتكون الشفاعة مقابل عوض.

يعني أنه يفكر في تقديم العدل بعد فشل الشفاعة من الشافع.

هذا في الآية الأولى. . .

أما الآية الثانية. . فقد جعل الضمير في: " منها عدل " راجعاً إلى النفس

الثانية التي هي صاحبة الجريمة. وتقديم العدل - هنا - للحاجة إلى الشفاعة

عند مَن طلب منه ذلك قال: ". . ولهذا قال في الأولى: " ولا يُقبل منها

شفاعة وفي الثانية: " ولا تنفعها شفاعة " لأن الشفاعة إنما تُقبل من

الشافع وإنما تنفع المشفوع له ".

ثم حكى عن بعض مشايخه - لم يذكر اسمه - إن الله نفى قبول الشفاعة

لا نفعها. ونفى أصل العدل الذي هو الفداء، وبدأ بالشفاعة في الأولى لتيسيرها على الطالب أكثر من تحصيل العدل على ما هو معروف في دار الدنيا.

أما في الثانية. . فإنه لا تقرر زيادة التأكيد بدأ بما هو أعظم الذي هو

الخلاص بالعدل وثنى بنفى الشفاعة فقال: " ولا تنفعها شفاعة " ولم يقل:

لا تُقبل منها شفاعة، وإن كان نفى الشفاعة يستلزم نفى قبولها.

لأن الشفاعة تكون نافعة غير مقبولة فنفى الشفاعة أعم.

فلم يكن بين نفى القبول ونفى النفع بالشفاعة تلازم.

<<  <  ج: ص:  >  >>