فى هذه الآية مدح وثناء للفقراء الزاهدين فيما في أيدى الناس. وهم لشدة
زهدهم وتظاهرهم بالغنى أشبهوا الأغنياء عند الجاهل بحالهم.
ولأن الغنى نوعان: غنى عن المال بالمال. وغنى عن المال بالقناعة والتعفف. والثاني فضيلة من فضائل النفس يستحق أصحابها المدح والثناء. . ولهذا مدحهم القرآن.
* * *
٢ - وصف النساء والحور والوِلْدَان:
وصف القرآن النساء لغاية دينية إذ بها يحفظ الرجل نفسه ودينه من الوقوع
فى المحظور. والقرآن في وصفه للمرأة لم يصف جمالها الحسي. وإنما وصف
جمالها النفسي المعنوي. وبذلك يفارق وصف المرأة في القرآن ما دأب عليه
الشعر الجاهلي من الأوصاف الحِسية. والالتذاذ المادي الوضيع.
وعليه جاء قول الشاعر:
إذا مَا الضَجِيعُ ثَنَى جِيْدَهَا. . . تَثنَتْ عَليْهِ فَكَانَتْ لبَاسَا
فقد شبههن - القرآن - باللباس مرة فقال:
(هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) .
واللباس فيه معنى الحفظ والوقاية من الأخطار، وفيه معنى التجمل والزينة
فى أعين الناس، وفيه معنى حفظ العورات وما لا يحب أحد أن يطلع عليه
الناس.
والفرق بين التعبير القرآني وبين قول الشاعر أن المراد باللباس في القرآن
معناه المجازي بكل ما يحمل اللفظ. أما في قول الشاعر فإن اللباس مراد به
معنى حسي مكشوف.
لهذه المعاني شبَّه القرآن النساء باللباس للرجال، ثم شبَّه الرجال باللباس لهن.
لأن كُلاُّ منهما يحفظ الآخر ويحميه ويزينه.