والمانع من جعل هذه الأساليب استعارة مكنية أمران:
أحدهما: أن المحذوف - هنا - منوى التقدير وملاحظ وجوده لقوة الدليل
عليه. ولا بدَّ من تقديره لأنه جواب استفهام مذكور أو مقدَّر. ففى الكلام - إذن - إيجاز بالحذف.
ثانيهما: أن حمله على الاستعارة المكنية غير صالح لأن فيها لا بدَّ من
وجود رمز ينوب مناب المشبَّه به.
وليس في هذه الأساليب وجود لذلك الرمز.
وهذا لون من التشبيه لم نجده إلا في القرآن الكريم.
فهو خاصة من خصائصه لا جدال فيها.
ففى الآية التاسعة من الزمر: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ)
يقول الزمخشري: " من: مبتدأ خبره محذوف. تقديره أفمن هو قانت كغيره.
وإنما حذف لدلالة الكلام عليه. وقيل: معناه أمنْ هو قانت أفضل أو مَن
هو كافر ".
وقال في الآية الثانية والعشرين منها. وهي: (أفَمن شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ
للإسْلاَم فَهُوَ عَلى نُورٍ مَن ربهِ فَوَيْلٌ لِلقَاسيَة قُلُوبُهُم) :
" أفمن عرف اللَهَ أنه من أهل اللطف فلطف به حتى شرح صدرَه للإسلام ورغب فيه وقبله كمن لا لطف له ".
وقال في آية فاطر وهي: (أفَمَن زُينَ لهُ سُوءُ عَمَلِه فَرَآهُ حَسَناً. .) :
" يعني أفمن زُيَنَ له سوء عمله من الفريقين كمن لم يزيَّن لَه. . ".
وقد حذا أبو السعود والإمام النسفي حذو الزمخشري مع الاختلاف
فى الصياغة بداهة.