أحدهما: فظاعة فعلهم فيما تحروه من اللفظ معه.
وأنهم بمخادعتهم إياه يخادعون الله.
وثانيهما: التنبيه على عظمة المقصود بالخداع وأن معاملته كمعاملة الله ".
ويرى الزمخشري أن هذا مجاز عند البيانيين لأنهم تعاطوا - أي المنافقين
حسب ظنهم - أفعال المخادع، والدليل عليه صدق نفيه في عجز الآية:
(وَمَا يَخْدَعُونَ إلا أنفُسَهُمْ) . . مجاز استعاري كذلك لأن المراء لا يخدع
نفسه، وإنما سمى إضرارهم أنفسهم " خداعاً " حيث كانوا لا يشعرون بأن فى
عملهم هذا ما يعود عليهم بالضرر، وقد حسن من موقع المجاز هنا مشاكلته
للمجاز الأول بلفظه ومعناه.
وليس ضرر المنافقين بواقع على أحد، وإنما هو واقع بهم، وهذا المعنى أفاده
القصر في الآية الذي طريقه النفي والإثبات.
ولهذه المادة " خدع " مواضع في القرآن جاءت في واحد منها على معناها
اللغوى، وجا عت في بقية المواضع على طريق المجاز منها الاثنان اللذان في آيتنا هذه، وقد وضح المجاز فيهما، أما المواضع الأخرى فهى:
(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) .
فخداعهم لله مجاز تقدم الوجه فيه، أما خداع الله لهم فمجاز - كذلك - لأن
الخداع الحقيقي يوهم - هنا - أن المخادع يعجز عن الكافحة وإظهار المكتوم، مع أن الله تعالى قادر على هتك سترهم وإنزال العذاب بهم ولا حَرَج عليه.
ولكن حيث وضع فعل الله بهم مقابلاً لما توهموه خداعاً للهِ.
سمى جزاؤه لهم خداعاً، فهو كقوله تعالى: (صَبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أحْسَنُ منَ الله
صِبْغَةً)