وابن الأثير - في هذا النص - أقوى دلالة على بيان مذهبه من ابن رشيق -
وإن سار هو على طريقته في التقرير.
ويرى الجاحظ أن أبا عمرو الشيبانى كان لا يحفل إلا بالمعنى، فمتى
كان المعنى رائقا حسناً ظل كذلك في أي عبارة وُضِعَ فيها. ورأيه هذا مطابق
لما حكاه " أرسطو " عن السوفسطائى " بريزون " من أنه لا حسن ولا قبح فى
اللغة، ففى أي الكلمات وضعت الفكرة فالمعنى سواء.
ومن أنصار المعنى، الآمدى من النقاد، وابن الرومى والمتنبي من الشعر اء،
فهؤلاء يطلبون صحة المعنى. ولا يبالون - أحياناً - حيث وقع من هجنة اللفظ وخشونته
على أن من هؤلاء مَن لا يهمل اللفظ في العمل الأدبي. بل ينظر إليه نظرة
تقدير واحترام، ولكنها نظرة ليست مثل نظرته إلى المعنى فهو السابق.
وإليه يعزَى كل فضل.
والذي حمل هذا الفريق على التعصب لناحية المعنى. ما رأوه من جودة
السبك دون العناية بجمال المعنى عند أصحاب التصنع الذين اتخذوا الأدب
صناعة، ولم يروا فيه إلا وصف الألفاظ وجودة السبك، دون العناية بخطر
الموضوع، وأهمية الموقف، وصدق المعنى وحسن الدلالة. . وهذا أمر ضاق به كثيرون من النقاد.
يقول الآمدى: " وقد رأيتُ جماعة من متخلفى هذه الصناعة يجعلون كل
همهم مقصوراً على الألفاظ التي لا حاصل وراءها، ولا كبير معنى تحتها. وإذا أتى أحدهم بلفظ مسجوع، على أي وجه كان من الغثاثة والبرد، يعتقد أنه