ما لهم يعرضون ويفرون؟ كأنهم حمر- المراد حمر الوحش- نافرة من نفسها وطبعها، وقد فرت من أسد، إن أمر هؤلاء لعجيب.
بل- وهذا إضراب عن إعراضهم ونفورهم مما فيه سعادتهم وخيرهم كالحيوان واستمع لما هو أعجب وأغرب: بل يريد كل امرئ منهم أن تنزل عليه صحف من السماء مبسوطة تأمره باتباع محمد صلّى الله عليه وسلّم.
كلا وألف كلا!! بل هم لا يخافون الآخرة، ولا يرجونها أصلا، فهذا هو السبب، وطلبهم الصحف المنشرة ضرب من العبث واللهو، فأعرض عن هذا ولا تسمع لهم في شيء..
كلا إن القرآن تذكرة وعظة لمن يريد الآخرة ويؤمن بالغيب، وفيه استعداد للخير، فمن شاء ذكره واتعظ به وآمن، وما يذكرون إلا إن شاء الله ذاك بالقهر والإلجاء، لكن الله ترك الإيمان والكفر لاختيار العبد الذي هو مناط الثواب والعقاب.
وقيل المعنى: وما يذكرون في حال من الأحوال إلا حال أن شاء الله لهم ذلك إذ الأمر كله له، هو الله أهل لأن يتقى ويحذر عقابه فلماذا لا تتقون؟ وهو أهل للمغفرة فلماذا لا تصلحون أعمالكم. وتتوبون لربكم وتثوبون لرشدكم؟