للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو في رحم أمه، قد وضع في قرار مكين، وإن الأطباء وعلماء التشريح قد وقفوا على تفسير الآية عمليا، وأن الرحم بالنسبة للجنين مكان حصين ومستقر أمين، وكان فيه مع هذا إلى قدر معلوم، وزمان محدود فإذا حان وقت خروجه تفتحت الأبواب، ولانت العظام، واتسع القرار المكين لنزول الجنين، ألا ترى أن ربك قدر ذلك وهيأه تهيئة العليم الحكيم القوى القادر؟ فنعم القادرون المقدرون بالحمد والثناء، والمراد الله جل جلاله وتقدست أسماؤه.

ألم نجعل الأرض كفاتا؟ أى: تكفتكم وتضمكم حالة كونكم أحياء وأمواتا؟! يا سبحان الله أليس هذا من عجائب قدرة الله أن جعل الأرض مستقرّا للإنسان على ظهرها يحيى ويتقلب ويسير، وهي- إذا مات- تضمه في بطنها، وتوارى سوأته وتكرم جسده. فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ [سورة المائة آية ٣١] .

أليس من نعم الله على خلقه أن جعل الأرض تضمهم إليها حالة كونهم أحياء وأمواتا؟ وجعلنا في الأرض رواسى ثابتات، وأطوارا شامخات، كان لها أثر كبير في إنزال المطر ولذا جاء بعد هذا: وأسقيناكم ماء عذبا فراتا، ويل يومئذ وهلاك شديد للمكذبين الذين يكذبون بنعم ربك، ويكذبون بيوم الدين.

الكفار يوم القيامة: يقال لهم: انطلقوا إلى عذاب كنتم به تكذبون، فهذه جهنم التي يكذب بها الكافرون، وانطلقوا إلى ظل!! يا سبحان الله، الظل الذي يتفيؤه الإنسان ويتخذه مقيلا لراحته هو الظل الممدود الذي لا ينفذ منه حر ولا قر، ولا نار ولا لهب، وهذا هو الظل المعد لأصحاب اليمين، أما الظل المعد للكفار فعذاب أليم، ودخان من يحموم لا بارد ولا كريم، هو ظل ذو ثلاث شعب، فهو يحبس الأنفاس، ويكوى بالنار، ويرمى بالشرار، ظل ليس ظليلا واقيا من وهج الشمس أو لفح النار وليس يقي من اللهب، ظل ناره ترمى بشرر كالقصر أو الجمالات الصفر، فهو ظل جهنمى والعياذ بالله فهو نوع من العذاب شديد، فهو دخان أسود قاتم يملأ الخافقين منعقد من نار تلظى، وانظر إلى وصف الشرر بأنه كالبيت في الضخامة ثم هو كالجمال في الشكل والخفة وسرعة الحركة واللون، وإنه لحقا تنزيل رب العالمين!! ويل يومئذ

<<  <  ج: ص:  >  >>