وبادر بعمل الطاعات كالبر والصدقة والبعد عن الآثام كالربا وغيره، وبادروا إلى مغفرة من ربكم وإلى جنة أعدت للعاملين جنة واسعة فسيحة عرضها كعرض السماء والأرض معا وهذا بيان لأقصى ما يتصوره الخيال وتمثيل لعظمتها وكبرها وخص العرض لأنه أقل من الطول.
هذه الجنة أعدت للمتقين، الذين أخذوا الوقاية لأنفسهم من عذاب الله بالعمل الصالح وها هي ذي أوصافهم:
١- المنفقون في السراء والضراء في الشدة والرخاء في كل حال وعلى كل وضع ولا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها [البقرة ٢٨٦] وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ [الطلاق ٧] .
فانظر إلى المؤمنين كيف يبذلون لله ويعطون الفقراء من غير عوض؟ والمرابين الذين يستنزفون دماء المحتاجين ويخربون بيوت المدينين ويأكلون مال الغير بغير حق بل وبمنتهى الظلم والقسوة.
٢- وهم الذين يكتمون غيظهم ويملكون أنفسهم عند الغضب فلا يعتدون على الغير خاصة إذا كانوا في قوة ومنعة.
٣- وهم الذين يتجاوزون عن ذنوب الناس فلا حقد ولا ألم في نفوسهم بل يعفون عن طيب خاطر وطواعية.
٤- وهناك صفة أعلى إذ هم مع كظم الغيظ والعفو عن الناس يحسنون إليهم ولذلك أحبهم الله ووصفهم بالإحسان والله يحب المحسنين.
روى أن جارية لعلى بن الحسين- رضى الله عنهما- جعلت تسكب عليه الماء ليتهيأ للصلاة: فسقط الإبريق من يدها، فشجه، فرفع رأسه فقالت: إن الله يقول:
وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ فقال: قد كظمت غيظي. فقالت: وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ قال: قد عفوت عنك. قالت: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ قال: اذهبي فأنت حرة لوجه الله.
٥- وهم الذين إذا فعلوا ذنبا كبيرا يتعدى ضرره إلى الغير كالزنا والربا والسرقة