سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار» (حديث شريف) .
ألم يعلموا أنه من يحادّ الله ورسوله، حتى يكون في جانب والله ورسوله في جانب آخر؟ فإن له نار جهنم يصلاها وبئس القرار قراره، له نار جهنم خالدا فيها وذلك هو الخزي العظيم، والنكال والذل المهين.
والمنافقون مذبذبون بين الإيمان والكفر، شاكّون مرتابون في الوحى وصدق الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهذا الشك والارتياب يدعوهم إلى الحذر والإشفاق. بل هو لازم له، إذ لو كانوا موقنين بكذب الرسول لما جاءهم الحذر، ولو كانوا مؤمنين حقا لما كان لهذا الخوف والحذر محل، لهذا يصفهم القرآن بقوله: يحذر المنافقون أن تنزل على المؤمنين سورة كاشفة لهم، فاضحة أستارهم، مبينة نفاقهم، كهذه السورة، ولذلك سميت الكاشفة والفاضحة.
يحذرون من سورة تنبئهم بما في قلوبهم! والمراد اللازم وهو فضيحتهم وكشف عورتهم وبيان شكهم وارتيابهم، وتربصهم الدوائر بالمسلمين وإنذارهم بما قد يترتب على ذلك من عقابهم، وقد كان المنافقون دائمى الاستهزاء بالنبي والمؤمنين كما مر إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ ولذلك يأمر الله نبيه بأن يقول لهم: قل استهزءوا كما تشاءون، وهذا تهديد لهم شديد، ووعيد عليه، إن الله مخرج ما تحذرون إخراجه من مخبئات الضمير، ومكنونات الصدور، وقد حصل ذلك وظهر نفاقهم لكل الناس.
روى عن قتادة: بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في غزوته إلى تبوك وبين يديه أناس من المنافقين: فقالوا: أيرجو هذا الرجل أن يفتح له قصور الشام وحصونها؟ هيهات!! فأطلع الله نبيه على ذلك فقال: احبسوا على هؤلاء الركب فأتاهم فقال: قلتم كذا قلتم كذا؟ قالوا: يا نبي الله: إنما كنا نخوض ونلعب فأنزل الله فيهم هذه الآية
على طريقة القسم للتأكيد، ولئن سألتهم عن أقوالهم التي يقولونها نفاقا من وراء الرسول ليقولن:
إنا كنا غير جادين، ومنكرين بل هازلين لاعبين، وهذا كفر محض فإن من يهزأ بالله ورسوله فهو كافر بها.
قل لهم: ألم تجدوا ما تستهزءون به في خوضكم ولعبكم إلا الله وآياته ورسوله فقصرتم الهزء عليهم ثم تظنون أن هذا عذر مقبول فتتكلمون به بلا حياء ولا خوف،