دخلوا في الدين بعد ذلك واتبعوا السابقين بإحسان، وقلدوهم في الأفعال والأقوال وحسن الاقتداء.
وهذا الوصف للتابعين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ يتضمن الشهادة من الله- سبحانه وتعالى- للسابقين بكمال الإحسان، وعلو الإيمان، فهم المتبوعون، وفي المثل العليا والإحسان هم المقلدون، أما من اتبعوهم في ظاهر الإسلام فقط أو في بعض الأعمال فالآيات الآتية بينت حالهم.
هؤلاء السابقون من المهاجرين والأنصار والتابعين- رضى الله عنهم- وقبل طاعتهم وتجاوز عن سيئاتهم وأعز بهم الإسلام كل ذلك بسبب أعمالهم.
ورضوا عنه لما وفقهم إلى الخير، وهداهم إلى الحق وأفاض عليهم من النعم الدينية والدنيوية، وأعد لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا: وذلك هو الفوز العظيم.
وهنا سؤال: ما المراد بالتابعين؟ هل هم كما فسرنا أولا وهم الصحابة الذين دخلوا في الإسلام بعد صلح الحديبية وفتح مكة؟ أم هم التابعون الذين اجتمعوا بالصحابة ولم يشرفوا بصحبة النبي؟ أم هم الداخلون في الدين المهاجرون ما نهى الله عنه، الناصرون لدين الله باللسان والسنان، والقوة والبيان إلى يوم القيامة الله أعلم بكتابه وإن كان الظاهر من قوله اتبعوهم أنهم الصحابة المتأخرون في الإيمان، وأما التابعون المجتمعون بالصحابة كالفقهاء السبعة (سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وعروة بن الزبير.. إلخ) . فهذا اصطلاح خاص بعد نزول القرآن.
بعد أن بين الله- سبحانه- مكانة المؤمنين بين مردة المنافقين من أهل البدو والحضر: أن بعض الأعراب الذين حولكم أيها المؤمنون منافقون. قال بعضهم: هم من قبيلة مزينة، وجهينة، وأشجع، وأسلم، وغفار كانت منازل هؤلاء حول المدينة والمراد أن بعضهم منافقون، وبعضهم مؤمنون صادقون يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويتخذون ما ينفقون قربات وزلفى إلى الله، والرسول صلّى الله عليه وسلّم دعا لهم بخير وبركة.
وإنه لمن أهل المدينة نفسها منافقون من الأوس والخزرج واليهود غير من تعرفهم- أيها الرسول- بما صدر عنهم من أقوال وأفعال منافية للإيمان.