والعِماد إبراهيم بن الطَّبّال، وعلاء الدين بن العطَّار، وعدد كبير من الأموات والأحياء.
وكان قد قرأ الختمةَ على الشيخ العماد، وتفقَّه بالشيخ الموفَّق، وكتب الخطَّ المليح، ونسخ للناس ما لا يدخل تحت حَصْر، وكان من أسرع الناس كتابةً، اشتَهَر عنه أنَّه نسخ كتاب "الخِرَقي" في ليلة وبعض يوم، وكان غالب وقته يكتب ثلاثة كراريس في يوم، ولعله كتب أزيدَ من ألف مجلَّد، فإنه بقيَ يكتب نحوًا من خمسين سنة.
وكان تامَّ القامة، مليح الهيئة، حسن الأخلاق، ساكنًا، عاقلًا، لطيفًا، متواضعًا، يَقِظًا، له مشاركة في العلم، وينظم الشِّعر، ويعرف من مروياته، وقيل: إنه قال: كتبت ألف جزء، وقد نسخ "تاريخ دمشق" مرتين.
وولي خطابة كَفْر بَطْنا بضع عشرة سنة، ثم تحوَّل منها سنةَ الخُوَارزمية، روى الكثيرَ، وكان حسن المذاكَرة، عمل خطبًا حسنة خطب بها، وطال عمرُه، وعلا سندُه ورُحِل إليه، وتفرَّد بأشياء، وضَعُفَ بصرُه في أواخر عمرُه، ثم انكفَّ جُمْلةً.
قال النَّجْم بن الخبَّاز: حدَّثني يوم موته الشيخُ ابن أبي عبد الله الصِّقِلي: أنَّ الشيخ محمد بن عبد الله المغربي قال: رأيت البارحةَ كأن الناس في الجامع وإذا ضجَّة، فسألت عنها، فقيل لي: مات الليلةَ مالكُ بن أنس ﵀، فلما أصبحتُ جئت إلى الجامع وأنا مفكِّر، فإذا مُنادٍ ينادي: رحم الله من شهد جنازةَ ابن عبد الدائم. قلت: المعروف بالمنام خطيبُ جامع جرّاح محمد بن صالح الهَسكُوري.
وحدَّثني شيخنا أبو بكر بن أحمد في سنة ثلاثين وسبع مئة قال: رأيت