اعتنائكم فأعملتم في حقه ما يليقُ بمثلكم، من جِلّة الرؤساء؛ وكتب في عام سبعة وأربعين وست مئة.
وكتب هو: من الأمير عبد الله محمّد بن يوسف بن نصر، أيّد الله أمره وأعزَّ بأنصاره نصرَه، إلى وليِّنا وصفيِّنا الأمير الهُمام الأفضل أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق أدام الله سعادته، سلام كريم طيب يخصّ جانبكم المكرَّم، أما بعد: أحمَدُ الله الذي جعل البركة في الاتفاق والائتلاف، والصلاة على محمد رسوله المؤيَّد على أهل العِناد والخِلاف، فكتبناه إليكم من حمراء غرناطة، وألطاف الله مُمِدَّة بالنصر لأهل دينه، مبلِّغة الأمَل في إظهاره على الدين كلِّه وتمكينه، ولدينا من الإجلال لمقداركم، والاحتفال في توقيركم وإكباركم، والإطناب في شكر مآثركم وآثاركم، والاعتداد بمظاهرتكم لنا على أعداء الله بحماتكم وأنصاركم، أفضل ما يكون عند الجليل. إلى أن قال: والآن أوان الحركة والاشتغال بالاستعداد والجهاد، وفصل المعاوضة بحقكم والتذكير لكم، بما عوَّدتم من الدعوة لإخوانكم، والإمداد والإعانة بتسريب من لديكم من الفرسان، والحُماة الأبطال، والكُماة الأنجاد، فإنَّ العدو ليس يكون تحرك منه في هذا العام. إلى أن قال: وقد علمتم ما فتح الله على المسلمين من بلاد العدو ونصره في هذه السنة المباركة، وإلَّا فمن أين لأحدٍ في هذا الوقت والعدوُّ قد هدَرَتْ شقاشِقُه (١)، ولمست في خداع ضَعَفةِ هذه المِلّة محارِقُه، أن يسترجع من يده ما نيّف على مئة مكان، ويستبدل الناقوس الذي صالت
(١) قوله: "هدرت شقاشِقُه" الشقاشق جمع الشَّقْشقة: وهي في الأصل لَهاةُ البعير، ولا تكون إلّا للعربيّ من الإبل. وقيل: هي شيءٌ يُخرجه البعير من فيهِ إذا هاج، ومنه سُمِّيَ الخُطباء شقاشِق من هذا، وهو كناية عن جهارة الصوت. ينظر: اللسان (شقق).