وقرأ "الكمال" للحافظ عبد الغني على الزَّين خالد، وسمع "الصحيحين" على المحدِّث أبي إسحاق بن عيسى المُرادِي، وأخذ الأصول عن القاضي التَّفْلِيسي، والفقه عن الكمال إسحاق، وشمس الدين بن نوح، وعز الدين عمر الإربِلِي، وكمال الدين سلّار الإربِلي، والعربية عن الشيخ أحمد المصري، وعن ابن مالك، ولازم الاشتغالَ والتصنيف والإفادة، محتسبًا في ذلك مبتغيًا وجه الله، مع التعبّد والصوم والتهجّد والذِّكر والأوراد، وحِفْظ الجوارح، وذمِّ النفس، وصبر على العيش الخشن، ملازمةً كليَّة لا مزيدَ عليها.
تخرَّج به أئمة منهم الخطيب صدر الدين سليمان الجعفري، وشهاب الدين أحمد بن جَعْوان، والقاضي شهاب الدين الإربِدي، والمفتي علاء الدين بن العطَّار، وحدَّث عنه ابن أبي الفتح، والمِزِّي، وجماعة.
قال ابن العطَّار: ذكر لي شيخنا: أنه كان لا يُضيع له وقتًا في ليل ولا نهار إلّا في اشتغال، حتى في الطُّرُق، وأنه دام على هذا ست سنين، ثم أخذ في التصنيف والإفادة والنصيحة وقول الحق.
قلت: كان مع ملازمته التامّة للعلم ومواظبته له، فائقَ الورع وتزكية النفس من شوائب الهوى وسيّئ الأخلاق، ومَحْقها من أغراضها، عارفًا بالحديث، قائمًا على أكثر فنونه، عارفًا برجاله، رأسًا في نقل المذهب، متضلِّعًا في علوم الإسلام.
قال شيخنا الرَّشيد الحنفي بن المعلِّم: عَذَلتُ الشيخ محيي الدين في تركه الحمَّامَ وتضييقِ العيش وخوَّفته من مرض يعطِّله عن العلم، فقال: