للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وكان عبد الرحمن قد دفن هناك تلك الجواهر، فبعث معه أبغا جماعةً، فوقف وتردَّد ثم قال لهم: احفِروا هنا، فحفروا فظَهَرَ الدَّفين، فعَظُمَ بذلك عند أبغا وقرَّبه، وخَضَع له، فربطه أيضًا بشيء من السيمياء والشَّعْوذة، ثم اتَّخذ خاتمين على صفة واحدة، فأخرج أحدَهما فأعطاه أبغا وهو على حافَةِ بُحيرة عميقة، ثم قال: إن ألقيتَه في البحيرة استخرجتُه لك، فألقاه وقاما، فلما كان من الغد أقبلا، وقد عمل عبدُ الرحمن سمكةً من خشبِ مجوَّفة ملأها مِلحًا مع الخاتم الآخر ورماها في الماء، فغاصت ساعةً وهو يُهمهم ويرقي، فذاب الملح فطَفَت السمكة والخاتم يُبرِق في فمها، فانبَهَر أبغا، وأحضروها له، فأخذ الخاتمَ من فيها، ودكَّ عبد الرحمن فيها رصاصِة وألقاها في البحيرة، فغاصت، والملك يتعجَّب.

ثم إنه اتَّصل بالملك أحمد وحسَّن له الإسلام، فأسلم، ووَعَدَه بأنه يتملَّك، فتملَّك، فصار أحمدُ ينزل إلى زيارته ويقبِّل يده، ولا يخالفه في أمر، فانتُفعَ به في الجُمْلة، فأشار عليه بمصالحة صاحب مصر، وباجتماع الكلمة، فبعث رُسلًا في ذلك، ثم قال عبد الرحمن: أنا أذهبُ في توثيق الصُّلح، فأقبل وفي خدمته عددٌ من المغول والكبار، فوصل إلى دمشق في آخر سنة اثنتين وثمانين، فأُنزل بالقلعة في دار رضوان، ورُتِّبَ لهم أشياء مفتخَرة.

ثم بلغ السلطان مصرعُ أحمد وسلطنةُ أرغون بن أبغا، فاستَحضَر عبدَ الرحمن بقلعة دمشق ليلًا وسمع ما قَدِمَ به، ثم أخبره بهلاك مُرسِله، فبقي عبد الرحمن وأتباعه في القلعة معتقَلِين مدة، فلما كان بعدِ تسعة أشهر تُوفِّي هذا في آخر رمضان سنة ثلاث وثمانين، ودُفن بسفح

<<  <  ج: ص:  >  >>