للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عشرة سنة، وكانوا يتحدثون أنَّ أقطاعه بضعة وثلاثون طَبْلَخاناه (١)، وكان مما أعطاه السلطان بلدُ الكرك، فغَنِيَ بها وحوَّل إليها ذخائر كثيرة.

وحاصل الأمر: أنَّ سلّار وبَيْبَرس الجاشنكير استوليا على الممالك وأسرَفا، وكان السلطان كالمحجور عليه، ما يناله إلَّا ما فَضَلَ عنهما، وهو شابٌّ حَبِيّ، فكان يَكتُم ما عنده، فلما نصر الله الإسلام على يده وكسر التتار، وأُشْرِب حبُّه القلوب، وعَظُم وَقْعُه في النفوس، أضمر لهما الشرَّ والانتقام، وأنِفَ من تحكّمهما، وسار مُظهِرًا للحجِّ، فاستقرَّ بالكرك وأعرض عن المُلْكَ، فبَدَر هذان الملِكان المغروران فتَسلطَن بيبرس، وناب له سلّار، فلم تنقُصْ رُتْبة سلّار، بل ازداد عظمة وحِشمة، فأقاما على ذلك تسعة أشهر.

وأقبلت سعادةُ دولة السلطان، ونزل من الكرك ليعود إلى مملكته ويستأصل أعداءَه، فانبرمت له الأمور، وأَلقت إليه مصر والشام أفلاذ كَبِدها، فحار المظفَّر في أمره، وخارت قوى سلّار، وحلَّ بهما الدمار، ووقعا في قبضة السلطان فأهلكهما.

أما المظفَّر بَيْبرس فإنه خُنِقَ بين يدي السلطان، وأما سلّار فإنه توجه إلى الشَّوبك في جماعته خائفًا وَجِلًا، وتشاغل السلطان عنه بترتيب ملكه أشهرًا، ثم اهتمَّ بإدراكه وإهلاكه، ونزح سلّار عن الشَّوبك وطلب البَرِّيّة، وضاقت عليه الأرض بما رَحُبَت، ثم خُذِل، وأرسل يطلب أمانًا على أن


(١) الطبْلخانة: لفظ فارسي معناه: بيت الطبل، وهو أحد الأماكن المخصَّصة لحواصل السلطان المعبَّر عنها بالبيوت، ويشتمل على الطبول والأبواق وتوابعها من الآلات، ويحكم على ذلك أميرٌ من أمراء العشرات، يُعرَف بأمير علم. ينظر: صبح الأعشى: ٤/ ٨ و ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>