للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يقيم ببيت المقدس يَعبُد الله تعالى فأُجيب، ومشى إلى حتفه برِجْليه ليقضيَ الله أمرًا كان مفعولًا، ودخل القاهرة بعد أن بقيَ أيامًا في حَيْرة متردِّدًا في البرية مع العُرْبان، يَنُوبُه كلَّ يوم نفقةُ ألف درهم وأربعون غِرارة شعير، وسُيِّر إليه أمان وأقطاع مئة فارس فيما قيل، ويقال: إنه كاتب أمراءَ قبض عليهم السلطان، فالله أعلم.

فلما جاء عاتبه السلطان، ثم اعتُقل بمكانٍ ومُنِع من الزاد حتى مات جُوعًا، وفي أهرائه (١) نحو من مئتي ألف إردَبّ، فلا قوة إلَّا بالله.

وقيل: وجدوه قد أكل خُفَّه، وقيل: دخل عليه جماعة وقالوا له وهو في السِّيَاق: قد عَفَا عنك السلطان، فقام من الفرح ومشى خطوات وسقط ميتًا.

وكان أسمر آدم لطيف القَدّ، أَسِيلَ الخدّ، لحيته في حَنَكِه سوداء، من التتار العويراتيّة.

مات في أوائل الكُهولة، لعله بلغ الخمسين سنة أو دونها، مات في ليلة الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة عشر وسبع مئة، وذلك بعد زوال دولته وسعادته بثمانية أشهر، مات بقلعة الجبل، وأَذن السلطان للجاولي أن يدفنه، فتولَّى جنازته ودفنه بتُربة الجاولي عند الكبش. إلى أن قال الجَزَرِيّ: فقيل: إنه أُخذ له ثلاث مئة ألف ألف وخمسون ألفًا، وشيء كثير من الجواهر والحُلِي والخيل والسلاح والغِلال مما لا يكاد ينحصر.

قلت: أما قوله: ثلاث مئة ألف ألف دينار؛ فشيء كالمستحيل، ولم


(١) الأهراء: جمع هُرْي بالضم: وهو بيت كبير يُجمع فيه طعام السُّلطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>