وأنشدنا لنفسه:
بأيِّ لسانٍ يلهَجُ العبدُ بالشُّكرِ … وقد جلَّت النُّعْمى عن الضَّبط والحَصرِ
فلو رُمتَ بثَّ الشُّكر في كل طَرْفةٍ … بضِعْف الحصى والرَّمْل والنَّبْت والقَطْرِ
وما سبَّحَ الأملاكُ لله في العُلَى … وصَلصلةَ الأملاك بالأنجُمِ الزُّهْرِ
فأوّاهِ واعَجْزاهُ واضعفَ حِيلَتي (١) … وواعُظْمَ تقصيري عن الحمد والشُّكرِ
ومنها:
وأسلَمَني عمِّي إلى القبر قاتلًا … فغذَّيتَني باللُّطف في ظُلْمة القبرِ
ثلاثَ ليالٍ بتُّ فيها مسوَّدًا … وأربعَ أيام مكمَّلةَ القَدْرِ
وكم صحتُ ما ذَنْبي أغِثْني مجاوبًا … فصَدَّ كأنَّ الاستغاثةَ بالسمرِ
فأخرجتَني من ظُلمة القبر سالمًا … بلا شَعَثٍ رَيَّانَ كالغُصُن النُّضْرِ
وعمَّرتَني سبعًا وسبعين حِجّةً … وما سوف يأتي بعدَهنَّ فلا أدرِي
توفي القاضي عبد القاهر بدِمْياط في جمادى الآخرة سنة أربعين وسبع مئة وله اثنتان وتسعون سنةً.
أنشدني الخليل الكاتب: أنشدنا التِّبْريزي لنفسه:
وناطقةٍ بأفواهٍ ثمانٍ … تميلُ بعقل ذي اللُّبِّ العفيفِ
لكل فمٍ لسانٌ مستعارٌ … يخالف بين تقطيع الحروفِ
يخاطبنا بلفظٍ لا يَعِيهِ … سوى مَن كان ذا طبعٍ لطيفِ
فضيحة عاشقٍ ونديمُ واعٍ … وعِزّة موكبٍ ومُدامُ صُوفي
(١) في نسخة دبلن مكان "واضعف حيلتي": وافرطَ خجلتي.