توفي في صفر سنة اثنتين وسبع مئة، وله سبع وسبعون سنة.
وكان شيخ دار الحديث الكامليّة، وقاضي القضاة الشافعيّة، ولم يخلّف بعدَه مثلَه في حُسن التصنيف، وكثرة الفضائل.
حدَّثني شيخنا تقي الدين بن تيميّة لما رجع من مصر على البريد سنة سبع مئة قال: اجتمعتُ بالشيخ أحمد بن دقيق العيد، وذاكرتُه في العلم، فأثنى عليَّ في ذلك، وقال لي: ما كنت أظن أنَّ الله يخلُق مثلَك.
سألني أبو الفتح محمد بن عليٍّ الإمام: من هو أبو محمد الهلال؟ فقلت: سفيان بن عيينة. وسمعتُ منه أحاديث، وأملى عليَّ واستجزتُه، فكتب الاستدعاء: أجزتُ لهم ما حدَّثتُ به من مسموعاتي. هكذا كان يجيز، فقال لي أبو الفتح اليَعمَري: هذه الإجازة قلَّما تفيد، فإنَّ الطالب لا يَسوغُ له أن يروي عن هذا المُجيز إلّا ما عَلِم أنه قد حدَّث به قبل تاريخ خطها من غيره، أما ما حدَّث به فيما بعدَ تاريخ الإجازة لا يدخل في ذلك.
أنشدني فضلُ بن قِنديل العابد من سنوات، أنشدنا إسماعيل بن ركاب، أنشدنا عَلَم الدين سليمان بن يوسف الواعظ، أنشدني الإمام أبو الفتح بن دقيق العيد:
تجاوزتُ حدَّ الأكثَرين إلى العُلى … وسافرتُ واستبْقيتُهُم في المَفاوِزِ
وخُضْتُ بحارًا ليس يُدْرَك قَعْرُها … وسيَّرتُ نفسي في فَسِيح المَفاوِزِ
ولَجَجتُ في الأفكار ثم تراجَعَ أخ … تِياري إلى استحسانِ دينِ العجائزِ
حدَّثني أبو الفتح محمد بن عليٍّ الحاكم إملاءً بمنزله، قال: قرأتُ على الإمام أبي الحسن الشَّافعي، عن الإمام أبي طاهر السِّلَفي، قال: