للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يُضرَب بوَسْواسِه المَثَل، وعنه في ذلك حكاياتٌ وعجائب، رحمه الله تعالى.

ذكره الحافظ الحجّة قطبُ الدين بن مُنير فقال: كان إمامَ أهل زمانه، وممَّن فاق بالعِلم والزُّهد على أقرانه، عارفًا بالمذهبين، إمامًا في الأصلَين، حافظًا متقنًا للحديث وعلومه، يُضرَب بن المَثَل في ذلك، وكان آيةً في الحفظ والإتقان والتحرِّي، شديدَ الخوف، دائمَ الذِّكْر، لا ينام في الليل إلّا قليلًا، يقطعُه فيما بين مطالعةٍ وتلاوةٍ وذِكْرٍ وتهجُّد، حتى صار السَّهرُ له عادةً، وأوقاتُه كلُّها معمورة، لم يُرَ في عصره مثلُه. صنَّف كتبًا جليلة، كمَّل تسويد كتاب "الإمام" وبيّضَ منه قطعة، وشرَحَ "مقدِّمة" المطرِّزي في أصول الفقه، وله كتاب "الأربعين في الرواية عن رب العالمين"، وكتاب "الأربعين" لم يذكر فيها إلّا عن عالِم، وشرَحَ بعض "الإلمام" شرحًا عظيمًا، وشرَحَ بعض "مختصر ابن الحاجب" في الفقه، لم أرَ في كتب الفقه مثله، عزَلَ نفسه من القضاء غير مرَّة، ثم يُسألُ ويعاد، وبلغني أنَّ السلطان حسام الدِّين لما طَلَعَ إليه الشيخ قام لِلُقِيِّه، وخرج له عن مرتبتِه.

إلى أن قال: وكان كثيرَ الشَّفقة على المُشتغلين، كثيرَ البِرِّ لهم. سمع من ابن الجُمَّيزي، وابن رَوَاح، وأحمد بن محمد بن الحُباب، والسِّبط. أتيتُه بجزءٍ سمعه من ابن رَوَاج والطبقة بخطِّه، فقال: حتى انظر، ثم عدتُ إليه، فقال: هو بخطِّي محقَّق، ولكن ما أُحقِّق سماعي له ولا أَذكرُه.

إلى أن قال ابن منير: وبلغني أن جدَّه لأمّه الشيخ الإمام المحقِّق تقي الدين ابن المقترح كان يشدِّد في الطهارة ويبالغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>