عبد الحكم يجوز أن يصرف من الزكاة كل شيء يكون من أمر الجهاد أو يكون منه بسبب مثل مصالحة عدو إذا خيف أو بناء حصن أو حفر خندق أو عمل مجانيق أو حملان أو سلاح أو مراكب للعدو وكراء النواتئة ويعطي منها للجواسيس الذين يأتون بأخبار العدو مسلمين كانوا أو نصارى، ورأى أن ذلك كله داخل في عموم قوله تعالى:{وفي سبيل الله}.
وقوله تعالى:{وابن السبيل} هو الرجل المسافر المنقطع به يعطى من الزكاة بقدر كفايته إذا كان محتاجًا أبدًا باتفاق أو غنيًا ببلده ومحتاجًا بموضعه باتفاق. واختلف إن كان غنيًا بموضعه. قال البرقي: قول مالك إنه يعطى وإن كان غنيًا، يريد ببلده. وقال أصبغ يريد بموضعه وبه قال الشافعي فوجه قول أصبغ قوله تعالى:{وابن السبيل} فعم. وإن قلنا أنه لا يعطى إن كان غنيًا بموضعه وهو الذي عليه الجمهور. فإن كان محتاجًا بموضعه ووجد من يسلفه، قال مالك في كتاب سحنون لا يعطى. وقال ابن القاسم في كتاب محمد يعطى. وقال ابن عبد الحكم ليس عليه أن يستسلف لأنه يخاف تلفه ويبقى الذين في ذمته إلا أن يجد من يسلفه على أنه إن سلم ماله وإلا فهو في حل. وقول ابن القاسم أظهر بعموم قوله تعالى:{وابن السبيل} يتناول المجتاز ومن يريد السفر، وبه قال الشافعي. وقال العراقي لا تقع إلا على المجتاز. وحجة القول الأول عموم الآية لأن ابن السبيل يقع عليه وإن لم يسلك بعد السبيل لأن يصير إليه كما يسمى الغارم غارمًا وإن لم يغرم بعد. وسمي المسافر ابن السبيل لملازمته إياه كما