وقيل: معناه ضمه إليه عدم أو غرث [أي جوع]. وكذلك احتلفوا في معنى قوله تعالى:{غير باغ ولا عاد}[البقرة: ١٧٣].
قال قتادة وغيره: غير قاصد فسادًا ولا متعديًا بأن يجد عن هذه المرحمات مندوحة ويأكلها. وقال مجاهد وغيره: المعنى غير باغ على المسلمين ولا عاد عليهم. وقال السدي: غير باغ: أي متزيد على إمساك رمقه وإبقاء قوته، ولا عاد أي متزود. وقيل:((عاد)) مقلوب عائد.
وبحسب هذه الاحتمالات التي تجاذبها المفسرون اختلف العلماء في العاصي بسفره هل يحل له أكل الميتة أم لا؟ إذا اضطر؟ فالمشهور عند مالك أنه يحل له ذلك، وفرق بينه وبين القصر والفطر. وروى زياد بن عبد الرحمن الأندلسي، عن مالك: أن العاصي بسفره يقصر الصلاة ويفطر في رمضان ويأكل الميتة إذا اضطر. فسوى بين ذلك كله وبه قال أبو حنيفة. وقال ابن حبيب ومالك: إنه لا يحل أكل الميتة من ضرورة، وعن الشافعي القولان. ويشهد للقول بحلية ذلك له قوله تعالى:{ولا تقتلوا أنفسكم}[النساء: ٢٩] وعموم قوله تعالى: {إلا ما اضطررتم إليه}[الأنعام: ١١٩] قال أبو الحسن: وليس أكل الميتة عند الضرورة رخصة، بل هو عزيمة واجبة ولو امتنع من أكل الميتة كان عاصيًا. كذا قال. وفي ((البسيط)) عن الشافعي هل يجب الأكل؟ ولا يجب ويجوز الاستسلام قولان. وقد قال مسروق: من اضطر إلى الميتة ولم يأكلها، فمات دخل النار. قال ابن عبد البر: فهو