فرض عليه، عليه جماعة من علماء السلف والخلف. وأما ظاهر الآية فإن فيها رفع الحرج في الأكل، وهو يدل على الإباحة لا على الوجوب، لكن الوجوب على القول به يتلقى من وجه آخر. قال أبو الحسن: ليس أكل الميتة من رخص السفر أو متعلقًا به، بل هو من نتائج الضرورة سفرًا أو حضرًا، وهو كالإفطار للحاضر المقيم إذا كان مريضًا، كالتيمم للحاضر والمسافر عند عدم الماء وهو الصحيح عندنا. وقال ابن حبيب: إذا وقع الاضطرار في الحواضر فيسأل ولا يأكل الميتة، وهذا من باب تخصيص العموم بالعادة. واختلف في قدر ما يأكل المضطر منها؛ ففي ((الموطأ)) أنه يأكل حتى يشبع، وقال ابن حبيب وعبد العزيز بن الماجشون: يأكل ما يقيم رمقه. وبه قال الشافعي، وأبو حنيفة، وحكاها القاضي أبو محمد رواية، وقد قيل: من تغدى لم يتعش، ومن تعشى لم يتغد. وروى ابن حبيب نحوه عن الماجشون. وتوجيه هذين القولين مما تقدم بين. واختلف في هذا الشرط من الاضطرار في إباحة هذه المحرمات، هل يعود على جميعها أو على ماعدا الخنزير، فقيل: هو عائد على الكل. وقيل: هو عائد على ما عدا الخنزير.
قالوا: لأن الخنزير لا تصح فيه ذكاة فلا تصح فيه رخصة اضطرار، والقول الأول أبين لاتصال الشرط بالجملة وربطه بها بالفاء. ولو قيل: إنه راجع إلى أقرب مذكور لكان أوجه، ولكنه لم يقل وإن وجد المضطر خنزيرًا أو ميتة احتمل أن يقال يتخير لقوله تعالى:{فلا إثم عليه}[البقرة: ١٧٣] ولم يفرق، واحتمل أن يقال يأخذ من الميتة ويترك الخنزير. لأنه لا تصح فيه