النظرين أن يقتص أو يأخذ الدية)) ولم يذكر التخيير في ضم الدية إلى القصاص، وقال أبو الحسن: وقوله تعالى: {كتب عليكم القصاص في القتلى}[البقرة: ١٧٨] ظن الظانون أن أول الكلام تام في نفسه، وأن الخصوص بعده في قوله:{الحر بالحر والعبد بالعبد} لا يمنع التعلق بعموم أوله. وهذا غلط فإن الثاني ليس مستقلًا دون تقدير البناء على الأول [إذ قول القائل الحر بالحر والعبد بالعبد لا يفيد حكم القصاص إلا على وجه البناء على الأول] وتقديره: كتب عليكم القصاص وهو الحر بالحر قصاصًا، والعبد بالعبد قصاصًا، فوجب بناء الكلام عليه، والذي قاله ممكن إلا أن الأظهر ما قلناه، ومقتضى القصاص يعطي تساوي الحالات من حرية وإسلام، وإسلام وذكورة، ونحو ذلك، إلا أنه ورد في الشرع عمومات لم تخصص حالًا من حال كقوله تعالى:{وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس}[المائدة: ٤٥] وقوله: {ومن قتل مظلومًا} الآية [الإسراء: ٣٣]، وقوله -عليه السلام-: ((من قتل له قتيل فهو بخير النظرين)) الحديث، ونحو ذلك، ولذلك وجب قتل الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل، وألا يعتبر تساوي الحال في الذكورة والأنوثة. وأجمع المسلمون عليه أخذًا بالعموم، وإنما وقع الخلاف في الدية مع القتل، وهو قول مرغوب عنه، ولا دليل في هذه الآية على الصحيح من القول فيها على أنه لا تقتل الأنثى بالذكر، ولا الذكر بالأنثى، لما ورد أنها مذهبة لما كان عليه العرب في الجاهلية من التعدي في القصاص حتى كانوا إذا قتل منهم حر من القبيلة العزيزة حرًا من القبيلة المعزوزة، لم يسلموه للقصاص، وبذلوا موضعه عبدًا أو امرأة، وإن قتل عبد من المعزوزة