في هذه الآية أن يكون حكمه في هذه الأوقات كما تقدم. واختلف في هذه الآية هل هي محكمة أو منسوخة؟ فذهب الأكثر إلى أنه محكمة، ثم اختلفوا فقال بعضهم هي على طريق الندب وهو قول أبي قلابة. وقال أكثرهم هي على طريق الإيجاب، وروي عن الشعبي أنه قال ليست بمنسوخة، فقيل له إن الناس لا يعملون بها، قال الله المستعان، وروي هذا القول عن ابن عباس. وذهب ابن المسيب وابن جبير إلى أنها منسوخة ولم يذكروا ناسخها. وهذا ضعيف، والأصح أنها محكمة. وروي عن ابن عباس أنه قال: كان العمل بها واجبًا إذا كام القوم لا أغلاق لهم ولا ستور، فلما صارت لهم الأغلاق والستور ترك العمل بها. فإن أعاد الأمر إلى ما كان عليه عاد الحكم هذا معنى قوله. فالآية على قوله محكمة إلا أنها إذا كنتا لعلة، فحيث وجدت العلة وجد الحكم، وإذا زالت العلة زال الحكم. والذي ينبغي أن يقال في هذا إنها محكمة بغير علة كانت ثم أبواب وستور أو لم تكن، ينبغي أن يستأذن. وفي تخصيص هذه الأوقات الثلاثة -بأنها مظنة الانكشاف- دليل على أنها مظنة النوم لأن الانكشاف أكثر ما يكون مع النوم. ودليل على أن النوم في غير هذه الأوقات مثل النوم بعد صلاة الصبح ومثل النوم بعد العصر ومثل النوم بعد المغرب، وليس كالنوم في الأوقات المذكورة في الآية.
وقوله تعالى:{من قبل صلاة الفجر}:
يعني من قبل صلاة الصبح. ففي هذا دليل على أن صلاة الصبح ليس بوقت انكشاف لا ينبغي النوم فيه. وقد روي ما يعضد هذا عن عبيد الله بن عمير أن عبد الله بن الزبير قال له: يا عبيد أما علمت أن الأرض