ولو قاله المشركون حكم بإسلامهم؛ لأنهم لا يقولون نحن مسلمون، وكذلك قوله: لا إله إلا الله، لا يقوله المشركون. قال الله تعالى فيهم:{إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون}[الصافات: ٣٥]، واليهود والنصارى يوافقون على هذه الكلمة وإنما يخالفون في نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فمتى أظهر مظهر الإيمان بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهو مسلم، حتى قال قائلون من أصحابنا، وأنه هو قول: محمد رسول الله، فلا يحكم بإسلامه لإمكان أن يكون من العيسوية، حتى يقول:((محمد رسول الله)) إلى الكافة، ولا يكون مسلمًا بذلك أيضًا لأن منهم من يقول: محمدًا رسول الله من الكافة من الناس، ولكنه لم يبعث وسيبعث. وإذا تبين ذلك فما لم يقل: أنا بريء من اليهودية والنصرانية لا يصير مسلمًا، ويحتمل أن يكون قراءة من قرأ: السلام أن يكون السلام بمعنى المسالمة والاعتزال. قال أبو الحسن: وظاهر هذه الآية مما احتج به في قبول توبة الزنديق وغيره ممن أظهر الاستسلام؛ لأن الله تعالى لم يفقر بين الزنديق وغيره ممن أظهر الاستسلام. وأما على ما قاله علماؤنا من الشروط المعتبرة في إسلام الكفار، فلا تقبل توبة الزنديق؛ لأنا لا نعرف في حقه علمًا يظهر به خلاف اعتقاده، لأن ودينه الذي يعتقده أن يدخل مع كل قوم فيما يهدونه،