أول الوقت من آخره، كان له قصرها، كما لو سافر أول الوقت.
واختلف إذا نسي صلاة ثم ذكرها في سفر بعد فوات وقتها هل يقصرها أم لا؟ فعندنا أنه يتم؛ لأنها لزمته في الذمة تامة عنه وكأنه ذهب في هذا إلى عموم الآية، إذا لم يخصص صلاة فائتة من غير فائتة. وأما صلاة الخوف فثابتة بقوله تعالى:{إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوًا مبينًا وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} الآية، على التأويل الذي قدمناه فيها. وكذلك أيضًا هي ثابتة بقوله تعالى:{وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم} الآية على التأويل الأكثر في الآية وهو أنها نزلت في صلاة الخوف خاصة، والقول بإثباتها وبأنها لم تكن مخصوصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول الجمهور. وإن كان الخطاب في الآية له؛ لكن غيره صلى الله عليه وسلم لاحق به في ذلك، وذهب أبو يوسف والمزني إلى أن تلك الصلاة كانت خصوصًا للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن إمامة النبي صلى الله عليه وسلم لا عوض منها، وإمامة غيره منها العوض، فيصلي الناس بإمامهم طائفة بعد طائفة ولا يحتاج إلى غير ذلك. وحكى ابن القصار عنهما أنهما قالا: صلاة الخوف منسوخة ولا يجوز أن تصلى بعد النبي صلى الله عليه وسلم. والدليل على أنها منسوخة تأخيره صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم الخندق وإلى هدء من الليل ثم قضاها دفعة، فكذلك يفعل مع الخوف، فلو جازت صلاة الخوف لم يكن ليؤخر الصلاة عن وقتها. قال ابن القصار: وهذا قول من لا يعرف النسخ؛ لأنه