والحضر. فإن قيل: فما فائدة الكلام الأول إذا كان الثاني يعم معناه؟ قيل: فائدته إباحة القصر في صلاة الخوف في السفر، ثم أخبر تعالى بصفة صلاة الخوف، أما في السفر خاصة على القول الواحد، وأما في السفر والحضر على قول الجمهور، وهذا كله على أن الآية كلها في صلاة الخوف خاصة. وأما على التأويل الثاني فظاهر عموم الآية في صلاة الخوف في السفر والحضر؛ لأن الكلام في صلاة السفر انتهى إلى قوله:{أن تقصروا من الصلاة} ثم ابتدأ كلامًا ثانيًا ليس بينه وبين الأول صلة، فقال:{إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} الآية، وإذا قلنا: إن الآية كلها في صلاة الخوف خاصة ففي القصر الذي رفع الله تعالى الجناح فيه ثلثة أقوال، أحدها: أنه أراد به القصر عند الخوف من طول القراءة والركوع والسجود دون أن ينقص من عدد الركعات المعلومة قبل أن تنزل صلاة الخوف. والثاني: أنه القصر في حدود الصلاة بصلاتهم إيماء إلى القبلة وإلى غير القبلة عند شدة الخوف، والتحام الحرب؛ كقوله في آية البقرة:{فإن خفتم فرجالًا أو ركبانًا}[البقرة: ٢٣٩]، وقد مر القول على هذه المسألة. والثالث: أن المراد به ما بينه بعد ذلك في الآية من تغيير صفة الصلاة أو نقص عدد ركعاتها مع صلاة الخوف بقوله تعالى: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} الآية، إلا أنه قد اختلف في صفة صلاة الخوف المشار إليها في هذه الآية على حسب اختلاف الأحاديث الواردة في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم اختلافًا ينحصر في عشرة أقوال، أحدها: أن الإمام يصلي بطائفة وطائفة وجاه العدو فيصلي بالذين معه ركعة ويثبت قائمًا فيتمون لأنفسهم ثم تأتي