الآية على تلاوتها لا تقديم فيها ولا تأخير، ومعنى قوله تعالى:{وإن كنتم مرضى} أي مرضى لا تقدرون على مس الماء، أو عدم من يناولكم إياه؛ لأن المرض يتعذر معه مس الماء، والوصول إليه في غالب الأحوال، فاكتفى تعالى بذكر المرض، وفهم منه المراد كما فهم من قوله تعالى:{فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت}[البقرة: ٦٠]، وإن معناه فضرب فانفجرت. وكذلك قوله تعالى:{أو على سفر} يريد غير واجدين الماء، فاقتصر على ذكر السفر وفهم المراد منه؛ لأن السفر يعدم فيه الماء في غالب الأحوال. ثم قال:{أو جاء أحد منكم من الغائط} الآية، يريد في الحضر، وقد كان قوله تعالى:{إذا قمتم إلى الصلاة} يعم الحضر والسفر، لكنه لما كان الغالب في الحضر وجود الماء أعاد ذكره وصرح بذلك الشرط، فقال:{أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا}، قال بعضهم: وهذا القول إنما يأتي على القول بأن معنى الآية: إذا قمتم إلى الصلاة وقد أحدثتم، وإلى أن الآية على تلاوتها ذهب مالك رحمه الله في ((المدونة))؛ لأنه يقول فيها: إن المريض الذي لا يقدر على مس الماء يتيمم وإن كان واجدًا للماء، وإن الصحيح غير المسافر يتيمم إذا عدم الماء على التأويل