خمر كان ما كان فقليله وكثيره حرام؛ لقوله تعالى:{إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام} الآية. وذهب قوم من أهل العراق إلى أن الخمر المحرمة هي التي من عصير العنب إذا نش. وذهب بعض أهل العراق أيضًا إلى انها عصير العنب إذا نش وألقى الزبد. وذهب بعضهم إلى أنها خمر العنب والتمر خاصة على ما روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:((الخمر من الكرمة والنخلة)). وذهب بعضهم إلى أن الخمر المحرمة العين هي التي من عصير العنب، وأن نقع الزبيب والتمر والخمر غير طبيخ بمنزلة الخمر في تحريم العين، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وكل من خص اسم الخمر بشيء مما قدمناه، فإنه يقول: إن ما عدا ذلك حلال وإن أسكر لكن السكر منه حرام، لا حد على شاربه سكر منه أو لم يسكر، كشراب البيرة والشعير والذرة والعسل إلى غير ذلك. وهؤلاء المخصصون للخمر المحرمة بشيء دون شيء إن قالوا: إن اسم الخمر يقع أيضًا على تلك الأشياء التي ليست بمحرمة. قيل لهم: ما هذا التحكم، واسم الخمر في الآية مطلق غير مقيد. ومثل هذا إذا أطلق فهو محمول على العموم عند جمهور الأصوليين. وإذا كان كذلك فلم حصصتم ذلك من لفظ الآية، فإن ذكروا شيئًا من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم مما لا يحتمل، وهو بعيد، عورضوا بالأحاديث الدالة على العموم التي لا يشك فيها مثل قوله عليه الصلاة والسلام:((كل مسكر حرام وكل خمر حرام)) ونحو ذلك، مع