قتل الغراب والحدأة ابتداء أم إذا خيف منها؟ ففيه قولان لمالك. ووجه القول بقتلهما ابتداء ظاهر الحديث المخصص للآية كام قدمناه، وما عداهما من سباع الطير، فالمذهب على أنه لا يقتل ابتداء، وإن قتلها فعليه الفدية لقوله تعالى:{ومن قتله منكم متعمدًا فجزاء مثل ما قتل من النعم}، فإن ابتدأت هي بالضرر فقتلها الإنسان فهل عليه جزاء أم لا؟ فيه قولان، والمشهور أن لا جزاء عليه. وحجة من رأى الجزاء عموم قوله تعالى:{ومن قتله منكم متعمدًا} الآية. وأما صغار ما يجوز قتله فهل تقتل أم لا؟ فيها ورايتان، إحداهما قول ابن القاسم أنه لا جزاء فيه، والثانية قول أشهب أن عليه الجزاء، ووجه هذا عموم قوله تعالى:{لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم}، تنبيه على أن ذبيحة المحرم ميتة لا يجوز أكلها لحلال أو لحرام؛ لأنه تعالى سمى الذبيح قتلًا إذ الذبح لا يجوز للمحرم باتفاق، فنهى تعالى عن القتل تنبيهًا على أن ما يفعله المحرم من الذبح إنما هو قتل لا ذبح، والمقتول ميتة باتفاق، فوجب أن يكون المذبح كذلك، سيق هذا على طريق الشبهة؛ لأن عرف الشرع أن المذبوح يؤكل والمقتول لا يؤكل، ولو حملنا النص على ظاهره لخصصناه بالقتل. ويحتمل أن يقال أيضًا: أن القتل من حيث اللغة يقع على الذبح.